يسعدنا نشر شعار خزينة الجديد الذي قامت بتصميمه مروة جادالله وهي محررة الفنون بخزينة، مع باقي الفريق، وهذا الشعار هو نتيجة التبادل الفكري والكثير من العمل الذي قمنا به خلال الست شهور الماضية، وهو يعكس أيضًا ما قمنا بنشره خلال العام الماضي في خزينة، ومن أعمالنا أننا بذلنا جهود في ترجمة بعض المصادر المتوفرة على الموقع إلى اللغة العربية ونشرنا المقالات بالعربية، وبالإضافة إلى ذلك، قمنا بنشر مصادر تتناول نطاق جغرافي أوسع مما نشرنا عليه من قبل. خلال هذا العام، قدّمنا لجماهيرنا مقالات تتناول النقد الفكري حول مواضيع شتّى، مثل المتحف والتعليم والأرشيفات والتصميم. نتأمل أن هذا التقدم سيرافقه المزيد من القصص المصورة والمقالات المصورة وأعمال أخرى تتجنب المعايير المتأسسة في مجال البحث التاريخي والفني والأدبي.
شعارنا مستوحى من عناصر مختلفة من هذا التقدم في أعمالنا، فهذا الشعار هو جزء من تاريخ الخط العربي الطويل، وبينما تسعى خزينة لتمثّل التواريخ والتجارب في العوالم الإسلامية المختلفة وجماهيرها، كان من المهم أن تعبّر هويتنا البصرية عن هذا الهدف. تأثّرت جادالله بالخطوط العربية التقليدية أثناء العمل على التصميم وتعلمت بعض الخطوط العربية على أيدي أساتذة الخط العربي، وما زالت تتعلم، وعندما شرِعنا في هذا المشروع، كانت تتعلم الخط الكوفي القيرواني على يد الخطاط المصري الأستاذ صلاح عبد الخالق، ولذلك فالرمز الرئيسي في الشعار، كلمة “خزينة،” مكتوب بهذا الخط، ونشأ هذا الخط في القرن الخامس الهجري واُستُخدم في كتابة مصحف واحد عام 410 للهجرة بمدينة القيروان في تونس، وكان الأستاذ صلاح قد سافر من مصر إلى تونس ليتعلم هذا الخط على يد الخطاط التونسي الأستاذ عامر بن جدو الذي قام بدراسة الخط الكوفي القيرواني ووضع القواعد له ليتم تدريسه مرة أخرى، وهذه العملية التاريخية التي تشمل نقل الفنون الإسلامية من الفنان المتمكّن إلى الطالب هي ما تميّز هذا الشعار حيث نستطيع تتبُّع معلّمي وطلاب الفنون الإسلامية وربط بين الطالب ومعلّمه والمعلّم وطالبه.
لم يستغرق رسم كلمة “خزينة” الكثير من الوقت أثناء العمل على الشعار حيث كان التحدي الأكبر هو إيجاد التوازن بين العناصر المختلفة في الشعار، وقمنا بتعديل الشكل عدة مرات قبل الوصول إلى شكل المثلّث هذا وهذا الترتيب للنقاط، ووجدنا صعوبة أيضًا في تحديد شكل الخط العربي مقارنة بالخط اللاتيني حيث قمنا في أول الأمر بتصميم شعارين متوازنين للخط العربي واللاتيني، ثم لاحظنا أننا يمكننا استخدام الخط العربي في الرمز الأساسي للشعار بينما نستخدم الخط اللاتيني بجانب هذا الرمز الأساسي، وبذلك تخلّصنا من هذا التوازن بين الخط العربي والخط اللاتيني.
خزينة أيضًا مهتمة بمخطوطات العوالم الإسلامية وشعوبها المختلفة، فكانت المخطوطات وتقاليدها مصدر الإلهام عندما قمنا باختيار العناصر البصرية الأخرى للشعار، مثل الألوان وشكل الخلفية، فكلمة “خزينة” مكتوبة باللون الأحمر القاني واللون الأسود، مثل الكثير من المخطوطات العربية حيث يتم استخدام اللون الأسود لأجساد الحروف ثم تضاف النقاط على الحروف باللون الأحمر، ولكننا قمنا بتبديل الألوان في شعارنا لأننا نقدّر ثقافة المخطوطات ولكننا لسنا جزء من هذه الثقافة فحسب، أما الخلفية فتشبه الورق المصنوع من الخِرَق والكتّان والحبال والبقع التي تظهر على الخلفية البيج تعبّر عن الضرر الناتج عن التعرض للمياه. هذا الشعار هو بداية هوية بصرية ستظهر في أجزاء مختلفة من موقعنا الإلكتروني وأدواتنا التسويقية ومنشوراتنا نفسها، وكان من المهم لنا أن نختار نقطة بداية لها طابع شامل نستطيع استخدامها في مشاريع مختلفة، والمخطوط العربي يتّسم بشمولية نستطيع الاقتداء بها حتى اليوم.
قمنا أيضًا بتحديث عبارتنا لأن عبارتنا القديمة “دليل البحث في الشرق الأوسط وما بعد” لم تعد تعبّر عن عملنا بشكل مناسب، فالشرق الأوسط ليس موضع اهتمامنا، وبأي حال عبارة ‘الشرق الأوسط’ ليست ملائمة لوصف هذه المنطقة، وبالإضافة إلى ذلك، نحن لا نقوم بالإرشاد والذي يتمثّل في كلمة “دليل،” إنما نخاطب ونتحدّث مع جمهورنا، لذلك نحن نُهدي أنفسنا: “لباحثي العوالم الإسلامية المتنوعة،” فالعوالم توجد داخل العوالم الأخرى، وتشمل كلمة “الإسلامية” هنا أي مكان يتواجد فيه الإسلام، وأضفنا كلمة “المتنوعة” لأننا لا نهتم بالإسلام فقط.
يجدر بالذكر أننا قمنا باستخدام برنامج مفتوح المصدر (إنكسكيب) أثناء العمل على الشعار، وقد قمنا بنشر محتوى نتحدث فيه عن المواد مفتوحة المصدر، ولدينا الآن دعوة لكتابة المقالات حول المصدر المفتوح.
ربما سيتم توسيع الموقع مرة أخرى في المستقبل ونحتاج حينها إلى إعادة النظر في شعارنا وعبارتنا، ولكن في الوقت الحالي نحن سعداء بما توصلنا إليه ونحن فخورون بعملنا هذا.